الإنتخابات التونسية:

 التحديات والآفاق

 

 

 

 

نظّم مركز دراسة الإسلام والديمقراطية وائتلاف أوفياء لمراقبة نزاهة الإنتخابات في إطار مشروع عين على الإنتخابات ندوة تحت عنوان : الإنتخابات التونسية : التحديات والآفاق، وذلك يوم السبت 22 نوفمبر 2014 من الساعة التاسعة والنصف صباحا إلى الساعة منتصف النهار بمقر مركز دراسة الإسلام والديمقراطية وحضرالحوارالمحلل السياسي الفرنسي فانسون جيسار والدكتور شكري الحمروني  مع ثلة من الحضور من خبراء وممثلي احزاب لإثراءالحوار.


 

تولى السيد كمال الغربي منسق ائتلاف اوفياء تقديم مشروع عين على الإنتخابات ودوره في مراقبة العملية الإنتخابية إنطلاقاً من عملية التسجيل  الى الإعلان النهائي عن النتائج مروراً بعملية  تقديم الترشحات والحملات الإنتخابية وصولاً إلى يوم الإقتراع والفرز . كما أشار إلى أن مشروع عين على الإنتخابات كان قد رفع تقريره النهائي بخصوص الإنتخابات التشريعية إلا أن الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات لم تتفاعل إيجابياً مع المقترحات وهو ما  يطرح تساؤلاً عن أي دور للمجتمع المدني في بناء الديمقرطية إذا تم التعامل معه كديكور كرتوني.


 

كما كانت الكلمة الإفتتاحية  للانسة أمنة النيفر مسؤولة برامج اولى بمركز دراسة الإسلام والديمقراطية حيث تطرقت إلى أهمية  الانتخابات  التي  تعيشها البلاد ودورها في  رسم المشهد السياسي التونسي للسنوات القادمة و تلبية  تطلعات الشعب من التحديات الأمنية والاقتصادية، تجسيد الوحدة وطنية، مع الحفاظ على الحريات ومكاسب الثورة. كما نبهت في نفس السياق من تصاعد المخاوف  في أعقاب نتائج الانتخابات التشريعية، حول المستقبل السياسي لتونس في صورة فوز مرشح  الحزب صاحب الأغلبية في البرلمان بمنصب  الرئيس القادم .كما اشارت إلى  السياق الإقليمي واللذي تسوده الفوضوية من  حرب أهلية في ليبيا، و الحكم العسكري في مصر، والحضور اللافت للشباب التونسيين في المعارك في سوريا، والوفاق الأخير  بين دول الخليج لصالح محور الإمارات العربية المتحدة المملكة العربية السعودية، مما يجعل الشأن التونسي مقسماً بين عدة أولويات: الاستقرار والازدهار الاقتصادي، ولكن أيضا ضرورة حماية الديمقراطية الوليدة وتعزيز الحرية والتعددية والقطيعة مع النظام السياسي القديم.


 

أثار السيد فانسون جيسيار في مستهل مداخلته تسؤلاً بخصوص الثورة التونسية واكتمالها وإلى أي مدى نجح الإنتقال الديمقراطي مضيفاً إلى أنه بعد الثورة التونسية و على الرغم من المناخ الذي كان يسوده الفوضي والضبابية إلا أنه كان هناك إجماع على وجوب القطع مع الدكتاتورية بناء نظام ديمقراطي قوي عماده دستور يكون بمثابة الحامي لهذه المكاسب إلا أنه بعد إنتخابات 2011 ظهرت العديد من الإنقسامات بين قطبين : علماني حدثي دستوري واخر إسلامي قومي وهو ساهم نوعاً ما في فقدان ثقة المواطن التونسي إضافة إلى  المستوى الضعيف الذي لم يتطلع بدوره لانتظارات الشعب التونسي والمواطن البسيط حيث كان  الخطاب الإعلامي و الحزبي  أضعف بكثير من المنتظر بل ان الجدل الموجود بالشارع التونسي يتفوق عليه  ولامس بحق تطلعات الشعب التونسي بعيداً عل الجدل الحزبي العقيم . في نفس السياق إنتقد المفكر الفرنسي التصور الكلاسيكي ألقائم على نفس الوجوه والتوجهات بالمشهد السياسي مشبهاً الساحة السياسية بالثلاجة التي حفظت على نفس الأسماء والفاعلين طوال فترة الإستبداد عن طارق تجميدهم ليتم تقديم نفس الوجوه اليوم في قوالب جاهزة أضفت الكثير من الرتابة على الحراك السياسي مضيفاً أن الخطر الحقيقي الذي يهدد الثورة التونسية ليس بعودة النظام السابق للحكم بقدر ماهو غياب لنظرة نقدية  وإصلاحية  لجميع مؤسسات الدولة من منظمات واحزاب ومؤسسات أمنية و قضائية  ومالية مقدماً أمثلة على إنعدام ثقة المواطن التونسي في المؤسسة الأمنية ومختلف أجهزة الدولة.



 

 

كما أشار أيضاً إلى غياب نظرة إصلاحية حقيقية داخل هياكل الأحزاب ولعل غياب الشباب عن المناصب القيادية لأكبر دليل على ذالك والنسق البطيء لعمليات الإصلاح المؤسساتي فبالرغم من التأسيس  لنظام حكم يقوم على سلطة عليا للبرلمان   إلا  أنه لازال هناك تركيز على الأشخاص وعلى الإنتخابات الرئاسية  الذي عادةً ما يصور المترشح في هيئة المنقذ للبلاد مما يعيدنا إلى تصور كلاسيكي عهدناه في فترة حكم بن علي . وفي سياق حديثه عن الحملات الإنتخابية  نبه فانسون جيسار  من أن يصبح المال هو المتحكم والفاعل الأساسي على شاكلة النظام في إيطاليا حيث تم التركيز  على بروباقندا الأشخاص عوضاً عن البرامج واصبح المواطن مستهلكاً للشعارات عوضاً عن أن يكون صانعاً للقرار في مشهد كانت فيه الكلمة الفصل للمال السياسي مما يطرح العديد من التساؤلات عن مصادر التمويل . في ختام كلمته أكد على المؤشرات الهامة لتحول حقيقي أمام الحرفيت في التعامل مع القضايا والأزمات لدى صناع القرار في تونس ودور المجتمع المدني والحقوقي في صون مكاسب الثورة وحمايتها. 

 

 تمحورت مداخلة الأستاذ شكري الحمروني بخصوص المشهد الإنتخابي في تونس وصعوبة تحليله لم يتميز به من إرتباك وتغير متواصل لعدة اعتبارات منها تعدد مستويات القرار في نظام إنقسام للسلطات بين ثلاث مؤسسات مما جعل الترويكا في أول تجربة تسود ولا تحكم إضافةً إلى طبيعة المجتمع التونسي الذي هو شديد التأثر بحينية الأخبار والشائعات  مع الخلط في تناول الأحزاب للإنتخابات الرئاسية والتشريعية  مع تنامي ظاهرة التصويت بالوكالة إذ أن أكثر من 50 بالمئة من الجسم الإنتخابي لم يصوتوا لأحزابهم إضافة إلى الإنقسام الذي شاهدته بعض الأحزاب مما أضعفها وافقدها وزنها وتأثيرها في الساحة السياسية مع التوجه الناعم لدى بعض الأحزاب الأخرى والأحزاب الوسطية على وجه التحديد واللتي قدمت نفسها كبديل لإستقطاب الثنائي وفشلها في بيان موقف محدد  في حين أنها عاجزة حتى على القيام بإصلاحات دخل هياكلها كل هذه العوامل ساهمت في ارباك المشهد الإنتخابي وساهمت في هزيمة مبرمجة لأحزاب الترويكا التي أرهقها العمل المرطوني الذي خاضته نفس الوجوه  مع وتنامي ظاهرة التصويت العقابي ضد احزاب الترويكا واللذي وفر رصيد إنتخابي غير مستقر للأحزاب الأخرى تتحكم فيه نسبة المنعطفين أكثر من المنتمين أو المنخرطين بهذه الأحزاب .وفي هذا المشهد المرتبك واللذي يسوده الغموض حول من ستكون له الغلبة في الإستحقاق الإنتخابي يستوجب اليقظة والنأي بالبلاد عن التخويف ودعوات العنف . 

 


 

   

يمكنكم متابعة آخر اخبارنا والتواصل عبر موقعنا الواب