حضرات السادة و السيّدات نضع بين أيديكم تقرير لندوة فكرية حول حقوق الأقليات بين صحيفة المدينة و الدستور التونسي الأربعاء 9 جويلية 2014 بمقر مداد نظم مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية ندوة بعنوان "حقوق الأقليات بين صحيفة المدينة و الدستور التونسي" يوم الأربعاء 9 جويلية 2014 بمقر المركز: كانت الكلمة الترحيبيّة لرئيس مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية الدكتور رضوان المصمودي و قد رحّب فيها بجميع المتدخلين و الحضور و الإعلاميين ثم أحال الكلمة للسيّدة محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي التي اعتبرت صحيفة المدينة من أحد أهم مراجع الفكر الإسلامي السياسي و تتشابه في أهميتها "بالماغنا كارطا" عند الغرب و لذلك على الأخصائيين و السياسيين أن يعودوا إلى هذه الوثيقة و يبنوا المستقبل على ضوئها باعتبارها وثيقة تاريخية قيّمة علميّا و ليس باعتبارها وثيقة أسطورية و عندما نعود إلى الوثيقة نجد أنها ترسّخ حاكميّة الله و تحمي حقوق الأقليات أيضا و يمكن اعتبارها المؤسّسة الدستورية الأولى في تاريخ الأمة الإسلامية كما عرف التاريخ الإسلامي بعديد اللقاءات و التجمعات التي كان المسلمون يتباحثون فيها حول الشّؤون العامّة من المسجد الجامع و الأخوة الإيمانية و العلاقة العقديّة و بالتالي فان المواطنة و حق الاختلاف ليس غريبا على الثقافة الإسلامية, أمّا بالنسبة لتأثير ذلك على الدستور التونسي فان السيدة محرزية العبيدي تعتبر الفصل الثاني من الدستور الأكثر ترابطا مع الصحيفة و الأكثر أخذا بمعانيها و الفصل السادس حاملا لتوازنات من حماية المعتقد و احترام المقدس و حرية الضمير أيضا إلا أنها تعتقد أن الحلقة الأهم في الموضوع هو كيفية بلورة هذه المعاني على أرض الواقع إلى سلوكيّات و هذا دور المجتمع المدني في تبسيط الدستور و نشر أفكاره في المجتمع. أما المداخلة الثانية فكانت للسيد محمد المستيري حيث يعتبر أن الاختلاف بين الناس قائم في اعتبار البعض للدستور أنه مفرط في المدنية و آخرون يعتبرونه مفرطا في كل ما هو ديني و من وجهة نظره فانه يعتبر أنّ المشكلة في الدستور تكمن في كونه يمثّل هذا التجاذب بين مرجعيات طوبويّة عليا و ليست منهجية في تعاملها مع الموضوع كما يعتبر أن الفكر الإسلامي وصل إلى أزمة في تحقيق مشروع دولته و كذلك الفكر الغربي أللائكي المطلق, و اعتبر أنه لا يوجد دستور وضعي في الإسلام إلا أنه يوجد ما يسمى بالمواضعة و هي تعني ما تواضع عليه البشر و ما توافق عليه الناس و بالتالي فانه يعتبر أن الفكر الإسلامي لا يحمل مشكلة في تعامله مع الأقليات اعتمادا لعبارة الأمة الواحدة في صحيفة المدينة ما عدى من ظلم و أثم سواء من المسلمين أو الأقليّات الأخرى لكنه اعتبر أن الإشكال الحقيقي موجود في الدستور التونسي الذي يؤكد على مدنية الدولة و المواطنة و لكن لم يتم تحديد هذا المصطلح في كونه يعني المدنية المطلقة أم المدنية المتصالحة مع الهوية. أما المداخلة الثالثة فهي للسيّد رابح الخرايفي و حيث عبّر عن ارتياحه للتعامل الايجابي للتّونسيين المسلمين مع التونسيين اليهود و عن تولي عديد التونسيين اليهود لمناصب هامة في الدولة دون التعرّض إلى مضايقات أو تفرقة مثل السيد أندري باروش وزير التجهيز في عهد الاستقلال كما قام المشرع التونسي بحماية الأقليات في تونس سواءا في دستور تونس القديم أو دستور ما بعد الثورة و منح حق ممارسة الشعائر الدينية و حرية المعتقد خاصة في الفصلين الثاني و السادس علما و أنه تم الاستماع إلى ممثلين عن الأقليات عند بلورة حقوق الأقليات في الدستور و بالتالي تكون الأقليات ساهمت مباشرة في التشريع لحقوقها و كان أبرز ما طالب به هؤلاء هو المواطنة.  تعددت المداخلات من بين الحضور حول موضوع الأقليات في تونس سواء في القانون أو الواقع و قد أكد العديد منهم على ضرورة إرساء و تعزيز الوحدة بين التونسيين بعيدا عن الاختلافات العقدية و الدينية و الجهويّة و العرقية و ضرورة التفرقة بين اليهودية و الصهيونية كما رحّب العديد منهم بالدستور الجديد و اعتبره ضامنا للتعددية و حق الاختلاف و لحقوق الأقليات, كما قدّم أحد المتدخلين نفسه باعتباره بهائيّا و اعتبر أن الدستور التونسي عمل إنساني رائع إلا أنه يؤسّس إلى التّفرقة بين التونسيين حيث لا يمكن لغير المسلم التّرشح للانتخابات الرئاسية.  |