الخميس 29 ماي 2014 بنجمة المدينة بالقصبة
نظم مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية يوم الخميس 29 ماي 2014 ورشة مغلقة حول ترسيخ ثقافة المواطنة و الديمقراطية بالخطاب الديني بنجمة المدينة بالقصبة -تونس- و كان من أبرز ضيوف الشرف الحاضرين فيها، السيد منير التليلي،وزير الشؤون الدينية الذي قدم كلمة في هذا الإطار. و قد كان الهدف هذه الورشة هو الخروج بتوصيات من الأئمة الحاضرين لفائدة تطوير الخطاب الديني حسب هذه المفاهيم التي أعتبرها أغلب المشاركين غير غريبة عن حضارتنا و ثقافتنا العربية و الإسلامية.
كانت الكلمة الترحيبية للدكتور رضوان المصمودي رئيس مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية الذي تساءل عن كيفية ترسيخ قيم الديمقراطية و المواطنة و حقوق الإنسان في الخطاب الديني. كما قال أن الانتقال الديمقراطي يحتاج إلى جانبين أساسيين: الجانب القانوني المتمثل في الدستور و جانب بناء ثقافة الديمقراطية و حقوق الإنسان. وإفتتح هذه الورشة بالتساؤل حول كيفية تطوير هذه الثقافة في الخطاب الديني.
و قد كانت أول مداخلة من تقديم الدكتور سامي براهم، باحث في الجامعة التونسية تحت عنوان "المواطنة مقصد من مقاصد الإسلام" و الذي تحدث على نقطتين أساسيتين؛ الأولى تعلقت بمشروعية الدعوى إلى ترسيخ المواطنة و الديمقراطية في الخطاب الديني ذلك أن الأئمة يعتبرون أنهم يتعرضون للتعسف من طرف المسؤولون في الدولة الذين يفرضون مطالب ليست تابعة للخطاب الديني على حد تعبيرهم. و كما قال أن منظومة المواطنة و الديمقراطية و إن كانت غربية فهذا لا يعني أنها تقتصر عليهم فقط. إذ كان بالإمكان للمسلمين المساهمة في بلورة هذه المنظومة.أما عن النقطة الثانية فتعلقت بصياغة هذه المنظومة التي قال أنها و إن صيغت في سياق ثقافي غربي فلا يعني هذا أنها لا تستجيب لحاجيات البشرية. و كما ذكر أنه للتفاعل مع هذه المنظومة يجب تفادي موقفين: الموقف الأول هو الرفض المطلق المعياري أيها أنها صِيغت عند الغرب و "معادية للإسلام"، أما عن الموقف الثاني فيتعلق بالقبول السلبي الذي لا ينظر فيما يُطرح عليه. و كما تساءل عما إذا كانت المواطنة و الديمقراطية التي صِيغت في مناخ غربي قابلة أو مناقضة للثقافة العربية الإسلامية و في هذا السياق قال أنه يجب تجنب المواقف المعيارية التي تجعل من الديمقراطية كفرا. كما قال أن مفهوم المواطنة؛ وهو تكافؤ الجميع في الحقوق و الواجبات و الفرص و الحظوظ دون تمييز؛ لا يتعارض مع المدونة الإسلامية. و يكرر في الختام أن هذه المنظومة لا تتناقض في الجوهر مع ما في نصوصنا من ثوابت.
و أما المداخلة التالية فقد كانت للدكتور مراد الرويسي، تحت عنوان "وقفات مع الخطاب الديني", الذي تحدث عن سقوط و تراجع الحواجز المكانية و الزمانية وهو ما أدى إلى مزيد من الانفتاح الثقافي و الحضاري بين المجتمعات و الأمم لذلك على حد تعبيره، قال أنه يجب أن نتفحص خطابنا الديني. كما ذكر 3 اتجاهات للخطاب المعاصر: الاتجاه الاشتراكي الذي يعيش على ما خلفته و ما تركته الأمم، الاتجاه *الإشتجاري* الذي يؤدي للتكفير و من ثم "التفجير" أما عن الاتجاه الثالث فهو الاتجاه الإنبهاري و هو "الإسلام لايت" وهو ما وصفه بالإسلام الذي يريد أن يتأقلم مع ما نعيشه من حداثة.كما قال أن الخطاب الديني هو تفاعل بين الفكر و الواقع وهو فكر و جهد بشري إنساني إلى جانب أنه دعا إلى نقد و مراجعة و تجديد الخطاب الإسلامي و اعتباره خطاب إنساني و أخلاقي متفتح لرفض الانغلاق و التعصب و التطرف.
و في خصوص المداخلة الثالثة فقد كانت للدكتور جمال الدين دراويل، إمام خطيب و أستاذ جامعي تحت عنوان ثقافة المواطنة من منظور إسلامي. حيث تحدث السيد جمال عن مفهوم المواطنة الذي وصفه بالإعلان عن وصول الناس لدرجة التعايش مع بعضهم و أن هذا المفهوم يتماشى مع مفهوم الحرية و يرتبط أيضا بمعنى المشاركة في تسيير الشأن العام. كما دعا من جانبه إلى بلورة الأفكار و قال أن الاستفادة من تجارب الأمم هي عبرة في الإسلام و ليس إدانة كما يظنه البعض.
وكانت الكلمة التالية للسيد منير التليلي، وزير الشؤون الدينية، الذي قال أنه من أهم سمات الخطاب الديني الذي يريده أن يكون في تونس، هو الخطاب المسؤول و أنه يجب مراجعة "هذا الخطاب الذي يُكفر، يُنفر، يهدم و لا يجمع" و إعادة النظر فيه. كما قال أنه من ضمن الإصلاحات الجزئية، يجب أن ننزع عن الخطاب ما علق به نتيجة الفوضى التي حدثت في الثورة. كما قال أنه من جملة صفات الخطاب الناجح و المؤثر هو أن يركز على قيم الديمقراطية و المواطنة و حقوق الإنسان. كما قال أنه لضمان حسن تنزيه هذه القيم و الصيغ الجديدة و حتى لا تكون مجرد نظريات فإنه يمكن صياغة خطاب جديد يقوم على جملة من الأسس:
- تقديم أطروحات أساسية متفق عليها في الجانب السياسي تعوض النّقص والاختلال الذي شهده الفكر والفقه الإسلامي خلال عهود التراجع الحضاري.
- تدعيم تأسيس الدّولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمّة.
- الاعتماد على نّظام ديمقراطي قائم على الانتخاب، لأنّه الصيغة العصرية المثلى-إلى حدّ اللّحظة- لتحقيق مبادئ الشورى الإسلامية، ومراقبة للأداء ومحاسبة للمسؤولين أمام ممثلي الشعب.
- الالتزام بمنظومة الحرّيات الأساسية في الفكر والرأي، والتأكيد على مبدأ التعددّية واحترام الأديان السماوية واعتبار المواطنة مناط المسؤولية في المجتمع.
- ترسيخ قيمة المواطنـة, والوحدة الوطنيـّة, وحبّ الوطن, والدّفاع عنه.
- إعادة بناء المسلم المعاصر, ليكون إنسانا حضاريا فاعلا في مجتمعه ومنتجا.
- نبذ العنف وتأكيد على قيمة الحوار وترسيخ أدب الاختلاف في الرأي.
- إنهاء حالة الفوضى في الخطاب الإسلامي النّاجمة بالأساس عن كثرة المتحدّثين باسم الإسلام, وعدم أهليّة غالبيّتهم لهذه المهمة.
- توحيد الخطاب في الأحكام الكبرى
التوصيات:
كيف يتحول هذا الخطاب الأكاديمي إلى خطاب مبسط يفهمه الجميع؟ و كيف يمكن أن نعمق فكرة المواطنة بدون تقليد الغرب؟
لا يكون ذلك إلا من خلال:
- دورات تكوينية ملزمة على كل إمام لتبليغ هذا الخطاب
- تعيين خريجي جامعة الزيتونة كأئمة لأنهم مؤهلون أكثر من غيرهم
- تحسين قدرة الخطيب على إقناع الناس
- تشجيع المنظمات و المفكرين للعب دور هام و ذلك بتنظيم الندوات و التكوين العملي المستمر بالتعاون مع الأطراف المعنية مثل الوزارة و مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية الذي يشتغل على هاته المحاور و خاصة التربية على المواطنة.
- اختيار خطاب معتدل و تجنب المصطلحات العنيفة و التي تدعو إلى "التكفير" مع التركيز على المضامين أكثر
- يجب مراجعة آليات ترسيخ هذه الثقافة و آليات إيصال المعلومة
- تركيز معهد خاص في تكوين الأئمة تتوفر فيه نظرية الفقه الحديث
- إعتماد برنامج تكويني يركتز على 3 محاور:
التأصيل الشرعي و علاقته بالواقع
محاولة إستيعاب قضايا العصر
برنامج تدريبي على التنمية البشرية
- التصدي لسلطة الاستبداد و سلطة التتبع الأعمى للأجداد
- إعادة النظر في العلوم الشرعية من قبل مختصين في المجال