CSID Banner in Arabic 1

 مركز دراسة الإسلام و الديمقراطيّة

 

   

 

 حوار وطني حول 

 

 قانون التحصين السياسي للثورة 



rapport4mai1

  

في إطار مزيد العمل على بناء التوافق و تعزيز الديمقراطية و ثقافة الحوار الحضاري البنّاء, نظّم مركز دراسة الإسلام والديمقراطية يوم السبت 04 ماي 2013 ورشة حوار وطني حول قانون التحصين السياسي للثورة  بنزل قرطاج طالاسو ڨمّرت. ضمّت الورشة  ما يقارب الخمسين شخصية  من  عائلات  وحساسيات فكرية و سياسية مختلفة من ابرز الوجوه السياسية في الساحة التونسية، نواب ورؤساء كتل في المجلس الوطني التأسيسي، أكاديميين و خبراء في القانون الدستوري، رؤساء جمعيات و ناشطين حقوقيين و في المجتمع المدني. هذا التنوع ساهم بشكل كبير في إثراء الحوار و أضفى قيمة كبيرة على الورشة وعلى التوصيات التي تمّ الخروج بها.كان الهدف الأساسي من الورشة, محاولة توضيح اللبس القائم حول قانون العزل السياسي و إيجاد حلول توافقية حول نقاط الخلاف بين الأطراف المعارضة والمؤيدة لهذا القانون.

تضمنت فعاليات الورشة مداخلات طرحت رؤى مختلفة حول مشروع تحصين الثورة تلتها حلقات حوار مفتوح تم فيها ايضا التطرّق الى نقاط مختلفة وحسّاسة حول المشروع وتحليل وجهات النظر المؤيدة والمعارضة.

كانت المداخلة الاولى  تحت عنوان " قانون تحصين الثورة كلمة حق قد يراد بها باطل" للدكتور عبد العزيز المسعودي قيادي في حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي  و حسب رأيه فان هذا القانون يعدّ إنتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان, وذكر ايضا انّ هذا المشروع هو بمثابة العقوبة الجماعية لأشخاص لم تثبت إدانتهم في جرائم و إخلالات بانتمائهم لحزب التجمع المنحل، كما أكد قيادي حزب المسار أن الثورة في حاجة للتحصين وذلك اساسا و قبل كل شئ بتحقيق  المطالب التي نادى بها الشعب عند انتفاضته ضد الظلم و الحرمان ، و ليس بإقصاء عدد كبير من المواطنين  من ممارسة حقوقهم السياسية و الاجتماعية واكّد الدكتور المسعودي على نقطة يعتبرها خطيرة جدّا وهي  ان لا يكون قانون تحصين الثورة خارج اطار العدالة الانتقالية والاّ فهو حتما سيكون مرتبطا بأهداف سياسية يراد من ورائها إقصاء المنافسين السياسيين فقانون تحصين الثورة حسب راييه  لايجب ان يقتصر على بعض الاطراف دون غيرها  بل يجب ان يتجاوز ذلك  للالمام بجميع المخاطر المهددة للثورة ويجب الابتعاد كلّيا عن منطق الاقصاء لانه يتنافى مع مبادئ الديمقراطية و يهدّد مسار الانتقال الديمقراطي و يفرغ العدالة الانتقالية من محتواها.

 

امّا المداخلة الثانية فقد كانت تحت عنوان"دواعي و ضرورات و مخاطر قانون تحصين الثورة"  قدّمها السيد نبيل اللّباسي محلّل سياسي، محامي و ناشط حقوقي وقد أكد من جهته أن قانون العزل السياسي ليس بدعة بل هو إجراء وقائي تبع اغلب الثورات في العالم لحماية الفترات الانتقالية الحسّاسة من الانتكاسة والعودة الى الديكتاتورية و ذكر انه في غياب اي حماية او حصانة تكون الثورة مهدّدة بالتفاف وجوه الماضي عليها واستعادة المنظومة القديمة لفاعليتها في ظلّ ضعف مسار الانتقال الديمقراطي و هشاشته وللوقاية من الانتكاسة وإمكانية الانزلاق في دوامة من العنف فانه،حسب رأي الأستاذ نبيل، لابدّ من وضع آليات وأجهزة تحول دون هيمنة اي سلطة او شخص او حزب واحترام شروط و ضرورات دولة القانون و الحقوق وإرساء محكمة دستورية. وقد نفى الأستاذ نبيل أيضا الادّعاءات التي تصف قانون العزل السياسي بأنه عملية سياسية بحتة تكرّس عقلية الإقصاء و يقول أنها عملية وقائية تكون بتجميد مؤقّت للأنشطة السياسية لرموز العهد البائد و كلّ من اثبت تورّطه في اي منظومة فساد، بطريقة سلمية تضمن الاستقرار و نجاح مسار الانتقال الديمقراطي.

اثر مداخلة الاستاذ نبيل تمّ فسح المجال للمشاركين للتّحاور و طرح وجهات نظرهم و تبادل الاراء.

   
 

rapport4mai2   

 السيدة سهام بن سدرين،ناشطة حقوقية و رئيسة المجلس الوطني للحرّيات ذكرت من جهتها انّ ضمان نجاح الثورة يكون ببناء الدّيمقراطية ودولة القانون وليس بانتهاج سياسية الاقصاء، مؤكّدة بدورها على ان قانون العزل السياسي لا يجب ان يخرج عن اطار العدالة الانتقالية ولا يجب ان يتمّ توظيفه ضدّ اشخاص او مجموعات بغاية الاقصاء لاهداف سياسية و حسابات انتخابية و أكدت بن سدرين ايضا ان المجلس الوطني للحريات الذي تترأسه يرفض هذا القانون على اعتبار انه عقاب جماعي بتهمة الانتماء مشيرة في ذات السياق إلي وجوب محاسبة التجمعيين على أفعالهم وليس على انتمائهم.

وقالت بن سدرين ان التجمع ليس حزب فقط وإنما هو أيضا ممارسة سياسية نجد الحزب الحاكم اليوم يكررها بأخطائها مما قد يجعل منه تجمع جديد.

امّا السيد كمال بن عمّار, قيادي في حركة النهضة فقد اكّد على ضرورة عدم خلط الامور و المفاهيم فيما يخصّ قانون العزل السياسي الذي يعتبره اجراء وقائي يسبق العدالة الانتقالية و يضمن نجاح مسارها، فبعض رموز الفساد حسب رأييه لابدّ من اقصائهم و ابعادهم عن الساحة السياسية لانه لايمكن استئمانهم مجدّدا على مؤسسات الدّولة واكّد ايضا انّ نجاح مسار العدالة الانتقالية لايكون الاّ بابعاد رموز الفساد المتآمرين على الدولة ونفى بدوره تعارض قانون تحصين الثورة مع الديمقراطية لانّ كل الدول الثائرة عبر التاريخ قامت بهذا الاجراء الوقائي لحماية ثوراتها.

السيد سمــير بن عمـــر، قيادي في حزب المؤتمر من اجل الجمهورية ونائب في المجلس التأسيسي اكّد من جهته ان قانون تحصين الثورة اصبح "حاجة ماسة" لحماية الثورة ممن وصفهم بفلول النظام السابق، الذين أعادوا تنظيم صفوفهم بأحزاب جديدة بعد الثورة، وفق قوله. ويقول "هذا القانون أصبح ضرورة ملحة قبل الانتقال إلى مرحلة البناء الديمقراطي" وقد اكّد السيد سمير كغيره من مؤيدي قانون تحصين الثورة ان هذا الاجراء لا يتعارض مع حقوق الانسان وانّ كل المحاكم الدستورية في العالم تؤكّد ضرورة وجوده مع احاطته بجملة من الضمانات التي تحول دون استغلاله في الانتقام والتشفّي كما أشار السيد سمير بن عمر ايضا الى أن قانون العزل السياسي ليس ابدا بالعقاب الجماعي وهو إجراء ذو صبغة وقائية ولا يتبنّى نفس فلسفة العدالة الانتقالية وذكر في السّياق تجارب أوروبا الشرقية وكيف وصلت بمثل هذا الإجراء الى حرمان رموز الفساد من التمتّع بالعمل حتّى في القطاعات الخاصّة مؤكّدا انه لن يحصل مثل ذلك في تونس و ان العزل السياسي سيكون حسب معايير قانونية عادلة و سلمية حيث يكمن الهدف من وراء هذا الإجراء تجميد النشاطات السياسية لرموز المنظومة الفاسدة المنهارة الى حين نجاح الانتقال الديمقراطي, بعيدا عن اي خلفيات سياسية او حسابات انتخابية كما تدّعي الأطراف المعارضة لتحصين الثورة.

منية بوعلي, محامية و عضوة بالمكتب السياسي لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية تؤيدّ بشدّة ضرورة تمرير قانون العزل السياسي واقصاء رموز حزب تسوده عقلية العصابة حكم البلاد لمدّة 23  سنة و انشأ منظومة ديكتاتورية يجب الإحالة دون عودتها لانّ في عودتها اعادة لنشر عقلية الغاصب و العصابة.

امّا الأستاذ بلقاسم حسن, الأمين العام لحزب الثقافة والعمل يعتبر تحصين الثورة من احتمالات ومخاطر عودة أعدائها إجراءا عاديا لم تخل منه كل الثورات عبر التاريخ مشيرا الى أنّ أي ثورة عندما تنفجر فإنّها تستهدف نظاما سياسيا وتقوم ضد القوى الممثلة له والمسئولة عن تردّي الأوضاع وتفاقم المظالم وخلق التوترات الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى قيام الثورة ضد ذلك النظام. ويعتبر الاستاذ بلقاسم كغيره من مؤيدي تحصين الثورة ان قانون العزل السياسي اجراء وقائي يحمي الثورة  من القوى المعارضة لها من ممثلي النظام القديم لمحاولة إفشالها وإعداد العدّة للقضاء عليها بكل الوسائل السياسية والعسكرية والمادية بمختلف أشكالها, مؤكّدا ان كلّ الثورات في العالم تمّ تحصينها و هكذا تصرف أبناء الثورات الفرنسية والأمريكية والروسية والصينية والإيرانية وثورات ارويا الشرقية في التسعينات ضد ممثلي الأنظمة التي قامت ضدها هذه الثورات.

نائبة المجلس التأسيسي سناء المرسني , شدّدت على ان الثورة التونسية هي ثورة كرامة و حرّية وليست ثورة جياع وانّه قبل معارضة قانون عزل التجمعيين و حماية الثورة من المخاطر المحدقة بها ومن قوى الثورة المضادة  فانّه لابدّ من التعريج على الشعارات التي رفعت عند قيام الثورة والتي نادت بإسقاط المنظومة الفاسدة ومحاسبة المتورّطين فيها، مؤكّدة ان تحصين الثورة مطلب شعبي يجب احترامه و الالتزام بتنفيذه.

نورالدين حشاد، رئيس مؤسسة فرحات حشاد يرى انه لدينا في تونس مرجعيّتنا الخاصّة و اننا لسنا بحاجة الى مرجعيات الدولية لنعرف كيف نحصّن ثورتنا مؤكّدا ان العدالة الانتقالية يجب ان تشمل ايضا كلّ الذين تعاملوا مع الاستعمار.

وقال عضو الرابطة الوطنية لحماية الثورة طارق بن عزوز في السياق ذاته ان قانون العزل السياسي هو عملية استباقية لقانون العدالة الانتقالية  وهو الضامن الاساسي لانجاح مسار الانتقال الديمقراطي واكّد بدوره على ان تحصين الثورة هو مطلب شعبي لا يمكن التنازل عنه.

اما السيد كمال مرجان،  رئيس حزب المبادرة فهو يعتبر قانون العزل السياسي عقوبة جماعية,  وهذا يتعارض مع مبادئ الديمقراطية لانّ كلّ شخص لا يمثل الاّ نفسه و ليس كلّ من عمل في حزب يتحمل مسؤولية الجميع. وأفاد مرجان بأن القضاء هو الجهة المسؤولة عن تحديد المسؤوليات ومحاسبة من أجرموا مع النظام السابق مؤكّدا على أن المحاسبة تكون فردية لا جماعية وقال ان من كان عضوا في التجمع هو ليس بالضرورة سارقا وفاسدا وكذابا مؤكّدا انه مع تطبيق العدالة الانتقالية و انّ مستقبل البلاد لا يبنى الاّ بحدّ ادنى من الوفاق.

 

تلت حلقة الحوار اربع مداخلات اخرى قدّمها كلّ من السيد مختار اليحياوي ناشط حقوقي وقاضي من ضحايا الظلم والاستبداد في العهد البائد، السيد فيصل الجدلاوي، محامي ونائب في المجلس التأسيسي، السيدة كلثوم بدرالدين، رئيسة لجنة التشريع العام ﻭﻋﻀﻮ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰشعبان. 

  

rapport4mai3   

السيد مختار اليحياوي  تناول الواقع وقانون تحصين الثورة وأعتبر أن هذا القانون لا يخدم الوئام وبأنه يكرس للعقوبات الجماعية. مشيرا إلى أنه كان ضحية للعزل في ظل النظام السابق حين عبر عن رأيه المستقل. وبأنه في نفس الوقت يعتبر أن قانون العزل السياسي أو ما يسمى قانون تحصين الثورة لا يحترم الضوابط الأساسية لإشاعة العدل وبناء دولة القانون. وأشار إلى أن الرئيس مانديلا بعث برسالة إلى عدة شخصيات تونسية غداة الثورة دعا فيها التونسيين إلى النظر للمستقبل وتجنب الوقوع في وحل الماضي وقال اليحياوي إنه من بين الذين حصلوا على هذه الرسالة وبأنها مؤثرة وعميقة. و قال السيد اليحاوي انه غداة كلّ ثورة ياتي نظاما جديدا مبشرا بقيم جديدة يحاول ان يكسب بها شرعية و المطلوب هنا هو عدم السير نحو هذا التوجه وانّه يجب الخروج من التناول العاطفي مع مصير البلاد.

 

rapport4mai4  

قدم السيد فيصل الجدلاوي محاضرة تحت عنوان "تحصين الثورة انتصار لتحقيق أهدافها" معتبرا أنه من الضروري من إجل انجاح الثورة اعتماد هذا القانون لمنع أركان النظام السابق من العودة للسلطة بعد أن أذاقوا الشعب التونسي مختلف أصناف الظلم والاضطهاد. وأضاف أن الذين يشملهم هذا القانون أثبتوا أنه ليس بمقدورهم تقديم أي شيء غير الاستبداد. وبأن الشعب التونسي قال فيهم كلمته غداة أيام الحراك الثوري حين نادت حناجر الثوار بطرد بن على وأركان حكمه. وأكد الجدلاوي ايضا انّ قانون العزل السياسي اجراء هو إجراء وقائي ليس من وراءه اية خلفيات سياسية، له تبعاته الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية  و لكن يجب العمل به لأنه يضمن نجاح عملية الانتقال الديمقراطي وهذه ليست مسألة انتقامية كما هو مزعوم و ليست مرتبطة بأية حسابات انتخابية. ومن يريد مصلحة البلاد ممن عملوا في المنظومة السابقة، عليهم بالابتعاد و لو مؤقتا احتراما لأنفسهم و خدمة للمصلحة العامة.

كلثوم بدر الدين، عرضت في مداخلتها كيفية العمل داخل لجنة التشريع العام وكيف يرتبون الامور حسب الاولويات معتبرة ان قانون العزل السياسي هو من اهمّ الاولويات في الفترة الرّاهنة لانه لا يمكن ان ينجح مسار العدالة الانتقالية دون عزل المتورّطين في منظومة الديكتاتورية المنهارة . افادت السيدة كلثوم في مداخلتها ان اللجنة ستعمل على اضفاء بعض التعديلات على فصول قانون العزل السياسي قبل تمريره. 

 امّا السيد عبد العزيز شعبان  فقد تناول في مداخلته  مبررات تحصين الثورة, مستغربا أن رفض هذا الخيار اليوم هو نتاج موقف سياسي ﻷن هذا المطلب نتاج للثورة. مشيرا إلى امكانية الالتفاف على الثورة من طرف أركان النظام السابق الذين يتمتعون بإمكانيات مادية كبيرة وبتوغل في أجهزة الدولة.

وذكر شعبان بأنه يدرك تخوفات البعض من سوء تطبيق هذا القانون خصوصا التخوفات التي يعبّر عنها ضحايا الإقصاء والتهميش في ظل النظام السابق.


امّا المداخلة الاخيرة قدّمها الدكتور امين محفوظ, اكاديمي و خبير في  القانون الدستوري فقد ذكر في تحليله انّ قانون العزل السياسي يعتبر امتدادا لعقلية النّظام السّابق وهو في قطيعة تامّة مع الثورة التي تصبو إلى تحقيق دولة القانون والمؤسسات. ولكن يؤكد التاريخ اليوم أن هذا الفصل فتح شهية من يؤيّد تعبيد الطريق للعودة إلى النظام الإستبدادي القائم بالأساس على الإقصاء ولكن بزعامات وأسماء جديدة. وإذا لم تفرز هذه الظروف الاستثنائية آنذاك قاضيا شجاعا كالقاضي مارشال في الولايات المتحدة (سنة 1803) فإن الظروف الحالية قد تطورت بشكل ملحوظ. إن القضاء يحاول اليوم، ومهما كانت الصعوبات التي تعترضه، أن يلعب دوره الحقيقي في حماية الحرّيات. إن دخول هذا القانون حيّز التنفيذ قد يسمح لنا باكتشاف العديد من القضاة من صنف القاضي الأمريكي مارشال.

إن هذا المشروع هو ورقة من جملة الورقات التي تستعمل لإطالة الفترة الإنتقالية وتهميش العمل التأسيسي(مناقشة الدستور والمصادقة عليه) بغاية تلهية الرّأي العام عن الاهتمام بقضايا جوهرية كالشغل والكرامة والرّقي الإجتماعي والثقافي... إن قراءته تؤكد أنه غير قابل للتّطبيق من خلال إغراق كل من هيئة الانتخابات والقضاء التونسي بمشمولات إضافية معقّدة والحال أنهما في حاجة إلى تسخير المجهودات في فضّ مشاكل وقضايا جوهرية تدخل في صميم صلاحياتهما. إنه في نظري مشروع كامل لمحاصرة الثورة. نتحدث اليوم عن الثورة المضادّة ولكن ننسى أن تعريف هذا التعبير لا يرتكز على اسم من يتبناها (أزلام، فلول...) وإنما يرتكز التعريف بالأساس على تبنّي سياسة في قطيعة تامّة مع الثورة وتشكل امتدادا لعقلية النظام السابق. تكمن المغالطة اليوم في التّركيز على الأسماء دون الخوض في السّياسة المعتمدة وهي عين السّطحية. فما أبعد السّياسة المعتمدة اليوم عن مبادئ وأهداف 14 جانفي 2011 ! علينا أن ننتبه حقا لمن يوجد اليوم في صفّ الثّورة المضادّة ولكن هذا لا يمكن أن يثنينا عن إنجاح المسار الديمقراطي في إطار مشروع متكامل يضمن لكل المواطنين ممارسة حقوقهم وفي ظل إساءة استعمال المشرّع للقانون فإن القضاء المستقل يبقى وحده الكفيل بحماية هذا المشروع. 

 

في الفترة المسائية, انطلقت اعمال الورشة بحوار مفتوح وتُرِك المجال للمشاركين في الورشة للتعقيب على التحليل الاكاديمي الذي قدّمه الاستاذ امين محفوظ في مداخلته حيث عارضه الكثير من الحضور ولم يتّفقوا معه في الرّأي.بينما ايّده البعض الآخر في اعتبار قانون العزل السياسي اجراء اقصائي منافٍ لمبادئ الديمقراطية.

 

rapport4mai5

 

السيدة سعاد القوسامي حجّي, سياسية مستقلة و ناشطة حقوقية, تؤكّد كغيرها من مؤيدي التحصين السياسي للثورة أن قانون العزل السياسي إجراء وقائي لابدّ من تمريره في أسرع وقت ممكن لأنه مطلب جماهيري لابدّ من احترامه وانّ النقاش في هذا القانون إهدار للجهود وللمال العام.

اماّ السيد خليد بالحاج نائب في المجلس التاسيسي و عضو بلجنة التشريع العام فهو يعتبر من جهته انّ تحصين الثورة ليس بدعة تونسية و انّما هو اجراء له تاريخية و اصول مشيرا الى ان القوانين توضع من  اجل غايات والغاية هنا هي تسهيل مسار العدالة الانتقالية و ليست العزل السياسي لحسابات انتخابية كما هو مزعوم.وقال اننا مازلنا امام منظومة مافيوزية لم تتفكك و تسعى الى الالتفاف على الثورة وانّه في حالة التخلي عن قانون العزل السياسي فانه سيُسمح بوجود الفاسدين في اعلى هرم السلطة وهذا سيؤدّي حتما الى اجهاض اهداف الثورة.

النائب في المجلس التاسيسي و العضو في لجنة الإصلاح الإداري و مكافحة الفساد، السيد المختار اللموشي فهو يشدد من جهته على ضرورة ان يكون قانون تحصين الثورة شاملا لكلّ الاطراف (الاعلام، الامن و القضاء وكلّ المتورّطين في خدمة منظومة الفساد مشيرا الى ان الاتّحاد ايّضا متورّطا في التحالف مع النظام السابق ولذلك فان قانون التحصين يجب أن يشمل جميع القطاعات دون استثناء و هذه مسؤولية المجلس التأسيسي.

ثم انقسم المشاركين الى فريقين لمناقشة مشروع القانون حيث دار جدل مطول اختلفت فيه الآراء بين مؤيد ومعارض كلّ قام بطرح جملة من المبرّرات و الحجج للإقناع برأيه وتم في النهاية الاتّفاق على بعض التوصيات ولكن بقيت نقاط خلافية كثيرة  دار حولها جدل كبير دون التوصّل إلى توافق.

 

التوصيات المتّفق عليها:

 

- القانون ليس مضمون في الفترة الحالية و لا يتماشى مع الظرف الحالي لأنه يندرج في منظومة كاملة وهي منظومة العدالة الانتقالية التي تشمل عدّة قضايا شائكة كالإعلام والقضاء والأمن والإعلام.

 

  -النظر في تحديد وتعديل المصطلحاتفي بعض نصوص مشروع القانون.

 

-  وضع المعايير والاجراء ات المصاحبة لحماية المعطيات الشخصية و الاشخاص.

 

- تفسير بعض المصطلحات و فكّ اللبس عنها : "تفسير مصطلح الفاعلون في النظام السابق"

 وبعض المصطلحات في الفصل الاول : "الالتفاف ـ التدابير"

 

- تغيير العنوان " العزل السياسي"

 

-  إضافة "لجان الأحياء" للفصل 2.

 

-  إضافة الجمعيات المهتمة بالشأن السياسي ( التكوين و العضوية ).

 

-  حذف كلمة المناشدين.

 

-  هيئة لظبط القائمة التي سيتم عزلها و تكوين هيئة قضائية تنظر في شانها.

 

-  تكريس التقاضي على درجتين .

 

-  توسيع قائمة المقصيين الذين شاركوا في: سلطة القرار

 
rapport4mai6  

  

ظلّ الجدل في النهاية قائم حول ان كان قانون العزل السياسي جزء من العدالة الانتقالية ام هو طرح سياسي بحلّة قانونية كما وصفه بعض المعارضين في حلقة النقاش وحول مدى فاعليته و نجاعته في دعم مسار الانتقال الديمقراطي و ان كان يتماشى مع الظرف الرّاهن في تونس.

 

 

  

 

  

 

للمزيد من المعلومات يرجى الإتّصال بالمركز على رقم 71950433